تجربتي في البحث الإجرائي:
أنماط تعلمية مُختلفة في تدريس الدراسات الاجتماعية
د. فوزي حرب أبو عودة
اعتاد المسؤولون والمعلمون حتى فترة قريبة التركيز على أنماط التعليم في التدريس، وذلك في الدورات التدريبية، وطريقة شرح وعرض المعلمين للدروس من أجل نجاح أطراف العملية التربوية والتعليمية في تحقيق الأهداف والغايات التي يصبون إليها.
ولكن ونتيجة للبحوث والدراسات التي تمت في التربية وعلم النفس، والمشكلات التي واجهت المعلمين في توصيل الأفكار والمعلومات للطلبة، وشكاوى هؤلاء الطلبة من قلة اندماجهم في حصة الدرس وضعف استيعابهم للمعلومات الواردة فيه، وكذلك شكاوى أولياء الأمور من ضعف مستوى أبنائهم التحصيلي، لكل ذلك وُجد أن أنماط التعليم في التدريس وحدها لا تكفي لتحقيق ذلك النجاح المنشود، إن لم ترتبط بأنماط تعلم الطلبة أنفسهم، الذين يشكلون بؤرة عملية التعليم والتعلم. وقد نمت فكرة البحث من خلال أندية المعلمين الشهرية وبطريقة تدرجية؛ حيث كانت تلك الأندية بمثابة الرافد لتناول مشكلات المعلمين وقضاياهم وهمومهم، وقد طرحت الكثير من المشكلات التي يعانون منها خلال عملية التوصل وتوصيل المعلومات والمعارف المستهدفة، علاوة على المشكلات التي يعاني منها المعلمون في كيفية جذب انتباه الطلبة وزيادة تركيزهم في موضوعات دروسهم، وكذلك تشتت جهد بعض منهم في القيام بأعمال تُفسد المناخ التربوي العام.
لذا، بادر بعض المعلمين بطرح قضية أن طريقة التدريس المتبعة لدينا قد لا تتناسب مع رغبات وحاجات الطلبة الذين نعلمهم. ولأن الباحث قد اطلع على العديد من الدراسات في موضوع أنماط تعلم الطلبة واختلافها بحسب الفروق الفردية في التوصل إلى المعلومات والمعارف المستهدفة؛ فتبادر إلى ذهنه مباشرة عدم تناسق وتكامل أنماط تعليم هؤلاء المعلمين مع أنماط تعلم طلبتهم.
طلب الباحث في المركز من مجموعة من المعلمين عقد لقاء مجموعة بؤرية لتحديد المشكلة بدقة، وتناول الأفكار التي تدور حول موضوعها. وتم توضيح الفكرة أكثر في لقاء تربوي عُقد بهدف استيضاح موضوع أنماط التعلم وكيفية الإفادة منها في التدريس.
بعد تبلور الفكرة تطوع خمسة معلمين من مدارس حكومية ووكالة وخاصة بتطبيق بحث إجرائي لتعرف مدى تأثير أنماط التعلم في التدريس على حل العديد من مشكلات المعلمين في التدريس، والنمو المهني لديهم في مجال عملهم.
لغرض إجراء البحث الإجرائي تم إجراء العديد من المجموعات البؤرية، وورش العمل واللقاءات التربوية؛ فكانت المجموعات البؤرية لتحديد مشكلة الدراسة وتدارس الأنشطة التي تم التوصل إليها لمراعاة أنماط تعلم الطلبة، وكذلك التغذية الراجعة والتعديل والتقويم المستمر لكل مرحلة من مراحل البحث الإجرائي. أما ورش العمل فكانت لابتكار أنشطة تناسب أنماط تعلم الطلبة خلال إجراء البحث. كما أن اللقاءات التربوية كانت لغرض توضيح بعض النظريات والأفكار وأدبيات الدراسة في موضوع أنماط التعلم.
وقد اُستخدمت لغرض البحث الطريقة التعاونية الاستقصائية التي تناسب هذا النوع من الأبحاث؛ لكونها تشمل عمليات وأشكالاً تدرجية في الوصول إلى النتائج المُعمقة من خلال العمل الفريقي. كما اشترك في تنفيذ هذا البحث 324 طالباً وطالبة، وتمثلت أدوات الدراسة في: استبانة أنماط التعلم، واستبانة اتجاهات المعلمين، ومقابلات للمعلمين المشاركين، وتم تنفيذ التجربة الإجرائية في العام الدراسي 2003-2204.
وكانت عملية رصد المعلمين المشاركين لملاحظاتهم باستخدام اليوميات، والسجلات القصصية للطلبة، وحقائب العمل (Portfolios) للمتابعة من خلال المعلمين أنفسهم، ولم يُعتمد على تلك الأدوات فقط؛ بل تمت مُقابلة المشاركين للإفادة من الملاحظات غير المكتوبة، التي لا تظهر إلا من خلال المقابلة الشخصية. وقد تم تصوير فيديو لبعض الدروس ومنها درس في الجغرافيا مُسجل ومُوثق في قسم التقنيات بمكتبة المركز في غزة. وتابع الباحث في المركز بنفسه بعض دروس التجربة الإجرائية، وتم توثيق ذلك في تقارير رسمية لإدارة المركز.
واجه الباحثون المشاركون في البحث الإجرائي العديد من المشكلات خلال عملية التنفيذ، وكانت تُعقد مجموعات بؤرية للتفكير في كيفية الحد من تلك المشكلات، أو حلها تماماً إن كان ذلك بالمستطاع، وأهم مشكلة واجهت الباحث والمشاركين في البحث عملية دخول المدارس لتصوير دروس نُفذت خلال عملية التطبيق، وقد تم التغلب عليها بتوطيد العلاقات مع مدير/ة المدرسة، وإقناعهم بأهمية وقيمة البحث في التطوير المهني للمعلمين العاملين لديهم، وأثر ذلك الإيجابي على التحسين التربوي والتعليمي العام.
وتفاصيل التجربة أنه قد تم اختيار خمس مدارس لتطبيق التجربة؛ حيث كان المعلمون المشاركون فيها من هذه المدارس أكثر إحساساً بالمشكلة، وكذلك رغبة في البحث فيها وتعرف أسبابها، وكيفية الوصول إلى حلول لها، وقد تعاون هؤلاء المعلمون في فريق عمل متكامل. فكان كل منهم مؤازراً ومكملاً للآخر، وعُقدت لأجل ذلك العديد من جلسات المجموعات البؤرية لمساعدة كل منهم للآخر في تذليل الصعوبات التي تواجهه، وكانت الأنشطة المُقترحة تتم مناقشتها فريقياً، وقد عُقدت جلسات عدة أيضاً لتعديل أفكار عدة تم تطبيقها سابقاً، وذلك للوصول إلى أفضل الأنشطة التي تناسب أنماط تعلم الطلبة في الصف الواحد. حتى أن الجلسات التقويمية التي تمت قبل كتابة تقرير البحث كانت على مراحل عدة ليتسنى للمشاركين تحليل الأفكار الواردة في نتائج البحث بانفتاح على أفكار بعضهم البعض، وتقبل كل منهم تعديل الآخر كعون له في التحسين المستمر لمراحل تنفيذ التجربة وتحليل النتائج بعمق فكري وعملي واقعي أكثر، وقد استغرق ذلك جلسات عديدة.
ثم تم بعد ذلك عرض النتائج التي تم التوصل إليها من خلال البحث، وخطوات الوصول إليها على مجموعة أخرى من المعلمين المؤازرين للمشاركين في البحث، وتم الأخذ بملاحظاتهم، وملاحظات الزملاء الباحثين في المركز من خلال جلسات العصف الفكري التي عُقدت لهذا الغرض.
وكانت أهم نتائج التجربة الإجرائية أن الطلبة في الصف الواحد كانوا بأنماط تعلم عدة، ودليل ذلك نتائج الاستبانة التي طُبقت عليهم والتي نُقلها الزميلان أبو ملوح وسكيك من نصها الإنجليزي إلى العربية، حيث قام المشاركون في البحث الإجرائي بتكييفها مع الواقع التربوي الفلسطيني في محافظات غزة. كما تم استخدام الأنشطة المبتكرة من قبل المعلمين في دروس حُددت مسبقاً في خطة واضحة المعالم. وأهم نتائج الدراسة ما يلي:
شعر المعلمون والتلاميذ المشاركون في التجربة الإجرائية بإيجابية التعليم من خلال تطبيق استراتيجيات أنماط التعلم، وكذلك المتعة وتوسيع المدركات الهيكلية في التخطيط والتنفيذ، ومن ثم التقويم واقتراح عمليات التطوير لكل عملية تربوية صفية تمت خلال عمليات العرض.
توظيف أنماط التعلم زاد من قدرة ومهارة المعلمين المشاركين على الضبط التربوي للصف، وتوجيه التلاميذ الوجهة التربوية لتنفيذ الأهداف والغايات المُخططة سلفاً.
أثرت عملية تطبيق إستراتيجية أنماط التعلم على معلمي التخصصات الأخرى؛ فتقول إحدى المعلمات المشاركات: "إن ما زادني تشجيعاً هو رأي زميلاتي المعلمات في المدرسة؛ حيث كان إيجابياً لدرجة أنهن قد طبقن في عرض دروسهن أنماط تعلم الطالبات، وذلك باستخدام أنشطة نظم الشعر، والتمثيل، والغناء، والرسم وغير ذلك من أنشطة تتناسب ومختلف المباحث الدراسية، ليس فقط في الدراسات الاجتماعية؛ بل في مباحث الرياضيات والعلوم أيضاً. وقد شجعت مديرة المدرسة تلك الأنشطة؛ بل وقد حثت بقية زميلاتي المعلمات أن يحذون حذوي.
معالجة مشكلة الطالبات ذوات التحصيل الدراسي المنخفض؛ علاوة على الارتقاء بمستوى الطالبات مرتفعات التحصيل.
هذا إضافة للاتجاه الإيجابي الذي بناه المعلمون اتجاه تدريس الدراسات الاجتماعية، الذين أكدوا على أنهم سيختارون مهنة التدريس في الدراسات الاجتماعية لو خُّيِّروا في ذلك.
وأوصت هذه الدراسة باستحثاث المعلمين في تطبيق أنماط التعلم في التدريس، واقترحت إجراء دراسة حول أنماط التعلم في التعليم في ضوء متغيرات أخرى جديدة.
بعد ذلك يقوم المعلمون المشاركون في المؤتمر بتقسيم أنفسهم إلى مجموعات في ورش عمل لتقوم كل مجموعة باقتراح أنشطة مناسبة لأنماط تعلم الطلبة كما ورد في الإطار النظري فيه، وذلك في فترة التطبيق.
وبعد نهابة عرض ورقة العمل دار نقاش مفتوح وتعقيب وتساؤلات حول بعض القضايا التي أثارت اهتمام الحاضرين، وقد تم تسجيل أسماء المشاركين في النقاش لتنظيمه، والرد عليه لاحقاً.
فيتساءل الدكتور يوسف صافي عن كيفية التحضير لأنماط التعلم، وكيفية التوفيق بينها وبين العدد الكبير من الطلبة في الصف الواحد بمدارسنا، وكيف يتم التقويم لهذا النوع من التدريس؛ لأنه من المعروف أنه من شروط التقويم الصحيح أن يكون موحداً لجميع الطلبة على الأقل في الصف الواحد.
وتساءل المربي محمد طه شاهين عن كيفية تنفيذ أنشطة التعلم في الصف الواحد لطلبة مُختلفين في أنماط تعلمهم أشد اختلاف في وقت واحد (حصة درسية واحدة).
وتساءل المربي جمعة عسفة عن عدد أنماط التعلم التي تم التوصل إليها من خلال التجربة؟
ورد الباحث على تلك التساؤلات في التالي:
بالنسبة لتساؤل الدكتور يوسف صافي حول تحضير دروس بموجب أنماط تعلم الطلبة؛ يتم من خلال إعداد أنشطة مناسبة لكل نمط من أنماط التعلم لطلبة الصف الواحد. ويتم ذلك من خلال تنويع الأنشطة بما يناسب كل مجموعة من مجموعات أنماط التعلم. وهناك اختلاف بين طريقة التحضير التقليدية وطريقة التحضير بأنماط التعلم. ففي طريقة التعليم لأنماط تعلمية مختلفة يقوم المعلم بإعداد أوراق عمل وشفافيات عرض الموضوع، وتكون مشاركات الطلبة أساسية في هذا النوع من طرق التدريس. فتفاعل الطلبة لتنفيذ أنشطة التعلم تعتمد على مدى فاعلية الطلبة أنفسهم؛ لأنهم هم الذين سيقومون بإعداد تلك الأنشطة بأنفسهم وتوجيه من المعلم.
أما بالنسبة لمشكلة العدد الكبير للصف الواحد، فإن التعليم من خلال توظيف أنماط التعلم هو الحل لمشكلة ذلك العدد الكبير من الطلبة في الصف الواحد، وذلك بتوزيع الطلبة في مجموعات؛ كل مجموعة حسب نمط التعلم الذي يميزها عن غيرها من المجموعات الأخرى. كما تعمل كل مجموعة من خلال أوراق عمل تم تحضيرها مُسبقاً، ويتم التعامل مع كل مجموعة على حدة؛ إلى حين انتهاء كل المجموعات من العمل المنفرد؛ تقوم كل مجموعة بعرض ما توصلت إليه من إنتاج تربوي على المجموعات الأخرى، ليتم فتح باب المناقشة والنقد لما ورد فيها من أفكار تربوية.
وفي موضوع التقويم؛ فإن التقويم خلال الحصة الدرسية يتم بما يناسب كل نمط من أنماط التعلم التي تمت مراعاتها خلال عرض الدرس، وفي نهاية الدرس يختار المعلم أسلوب التقويم الذي يناسب كل مجموعة من مجموعات أنماط التعلم. وحين يتم التأكد من توصل الطلبة للمعلومات المُراد إيصالها للطلبة، يُعقد لهم اختبار عام موحد، ويتم من خلال نتائجه تحديد المستوى التعليمي/التعلمي لكل طالب من طلبة الصف الواحد لمنح الدرجة لكل منهم.
ورداً على تساؤل المربي طه شاهين حول كيفية مراعاة جميع أنماط التعلم في حصة درسية واحدة؛ فإنه يمكن التعامل مع كل مجموعة بما يناسب نمط تعلمها، علماً بأن خبراء في جامعة كامبردج قد اقترحوا أن ينفذ المعلم أنشطته الدرسية بما يتناسب مع نمطين من أنماط التعلم، فيكون في آخر الأسبوع قد نفذ أنشطة تناسب جميع أنماط التعلم في الصف الواحد، وعمت الفائدة جميع الطلبة، وعدم اقتصارها على فئة دون الفئات الأخرى.
أما عن عدد أنماط التعلم فهي غير مُتفق عليها من قبل جميع الخبراء في موضوع أنماط التعلم، فهناك من ادعى أنها ثلاثة، وهناك من قال أربعة، وفي جامعة كامبردج توصل أحد العلماء إلى أنها سبعة، ونحن في نادي الدراسات الاجتماعية بمركز القطان قد توصلنا إلى وجود تسعة أنماط، وهي: الكلامي، والمنطقي، والتخيلي، والحركي، والموسيقي، والوجودي، والطبيعي، والمنفرد، والاجتماعي. وبالنسبة للنمطين الوجودي والطبيعي الذين أضفناهما في نادي الدراسات الاجتماعية بالمركز، فيتوافرا كثيراً لدى الطلبة، وبخاصة في الدراسات الاجتماعية؛ فالوجودي فلسفي جوهري عميق في فضاء الحوار، مثل موضوعات ما وراء المعرفة والفكر، والكون، والإنسان، وغير ذلك. والطبيعي مثل جمع أوراق النباتات، والصخور، وغيرها، وقد تم عقد ورشة عمل أعد المعلمون المشاركون خلالها أنشطة كنماذج لأنماط تعلم الطلبة.
تجربة بناء القصة وفاعلية الأداء التربوي
الأهداف:
- تعرف أهم عناصر الرواية القصصية التعليمية في تدريس الدراسات الاجتماعية.
- تفسير أهمية استخدام القصة التعليمية في تدريس الدراسات الاجتماعية.
- اكتساب خطوات عملية تحويل الدرس إلى قصة تعليمية.
- إعداد نموذج لتطبيق إستراتيجية القصة التعليمية في تدريس الدراسات الاجتماعية.
إن خطة الدرس عملية مرنة تتجاوب مع المواقف التربوية والتعليمية بالشكل الذي يمكن فيه توظيف الإمكانات البشرية والمادية المتوافرة بفاعلية أكبر، وهذا يمنح المعلم بدائل أكثر في اختيار الإستراتيجية المناسبة للموقف التربوي والتعليمي الذي يُراد توظيف تلك الإستراتيجية فيه بصفته سيد ذلك الموقف.
والإستراتيجية هي تقنية وفن التخطيط والتوظيف الفاعل للإجراءات والأنشطة من خلال الإمكانات والتسهيلات البشرية والمادية وكذلك المعنوية المتوافرة في تحقيق الأهداف والغايات التربوية والتعليمية المتوقعة.
وتعتبر إستراتيجية القصة التعليمية إحدى الاستراتيجيات التعليمية/التعلمية ذات الأهمية الكبيرة في مخاطبة وجدان الطالب وعقله معاً. كما أن الرواية القصصية تُحدث تنوعاً معرفياً لدى الطلبة من خلال الأفكار والحوادث وما يتخللها من عمليات عقلية لدى الطلبة في الربط والتحليل والتفسير والتقويم، وغيرها من العمليات العقلية التي قد تحدثها تلك الإستراتيجية.
واستجابة لحاجات المعلمين في تطبيق إستراتيجية القصة التعليمية في تدريس الدراسات الاجتماعية، وقد ظهرت هذه الحاجة من خلال اللقاءات التي تمت في المركز؛ حيث عبر هؤلاء المعلمون عن الحاجة الماسة في الكشف عن عناصر هذه الإستراتيجية في التطبيق، وأفضل الأساليب لذلك التطبيق، وقام الباحث في المركز بإعداد هذه المادة حفاظاً على التواصل التربوي والتعليمي للمعلمين مع أحدث التطبيقات في مجال القصة التعليمية/التعلمية.
لقد تمت التجربة خلال الدورة التدريبية الصيفية الماضية في العام 2004 كأسلوب جديد في التدريس بالنسبة للعديد من معلمي الدراسات الاجتماعية؛ حيث تم إعداد دراسة بمثابة مادة للتدريب على كيفية تحويل الدرس إلى قصة تربوية. فكان بناء القصة التربوية بطريقة عملية من قبل المعلمين المشاركين في الدورة التدريبية على عدة مراحل دائرية الشكل في البناء القصصي التربوي للدرس، ومنها: مرحلة الإعداد، وفيها يتم تحديد الأهداف والأسلوب والاستراتيجيات التي ستتبع في التنفيذ، وكذلك المشاركين في عملية البناء. أما المرحلة الثانية، فعملية التنفيذ، وفيها تتم عملية السرد القصصي عبر خطوات فكرية وعلمية واضحة من أجل التوصيل والتوصل إلى القيم المستهدفة بطريقة ذاتية وتوجيهية معاً. وتتخلل عملية التنفيذ تقييم ثنائي تمنح كل من المعلم والطالب تغذية راجعة مستمرة في نهاية كل خطوة من تلك الخطوات. والمرحلة الثالثة هي عملية التقويم لمدى تحقيق وتحقق الأهداف والغايات المستهدفة من عملية البناء. أما المرحلة الرابعة، فتتمثل في تطوير عملية التخطيط ومراحل التنفيذ لما سبق من خطوات، وكذلك إيجاد مُخطط جديد وتجديدي لمنهجية عملية بناء القصة التربوية.
وقد وضع المعلمون شروطهم لعملية بناء القصة:
1-مناسبتها للنضج العقلي والمستوى العمري للطلبة.
2-مناسبة القصة لموضوع الدرس المُستهدف.
3- أن تتناسب أفكارها مع تحقيق أهداف وغايات الدرس.
4- التشويق والمتعة لكل من المعلم والطالب.
5- تقديمها بأسلوب شيق لجذب انتباه الطلبة ومركزية اهتمامهم.
وقد استنتج المعلمون المشاركون في نهاية عملية التدريب والتطبيق أن الأسلوب القصصي يعمل على ما يلي:
1- تسهيل عملية نقل المعلومات التي يُراد إيصالها والتوصل إليها، وكذلك المحتوى الدراسي إلى المتلقي أو الدارس بيسر.
2- يزيد هذا الأسلوب من مشاركة الطلبة الإيجابية.
3- يساعد هذا الأسلوب على توظيف الحواس لدى الطلبة وعلى وجه الخصوص(السمع والبصر والحركات لعضلات الوجه) خلال عملية السرد، بالتالي يسهل مفهوم التعليم والتعلم معاً وإيجاد ثوابت بين ما سمعه وما سيكتسبه، ومن ثم بقاء أثر التعليم عن طريق المعلم.
4- تحسين قدرات ومهارات الطلبة، ومن ثم زيادة استيعابهم للمعلومات والاتجاهات المراد اكتسابها وهو عملية مشوقة وجذابة تبقي أثر التعلم.
5- يتيح فرصة كبيرة لإبداع الطلبة، وزيادة مساحة خياله في التحليل والتفسير لوقائع السرد القصصي.
6- يحد من الملل الذي يصيب التلاميذ إذا ما تعارضت أنماط تعلمهم مع نمط المعلم في التدريس.
إرشادات للمعلمين في طرق التعليم بواسطة القصة التعليمية:
يمكن التعليم بواسطة القصة من خلال طرق عدة:
1- طريقة السرد القصصي اللفظي: وذلك إما بواسطة المعلم نفسه، أو مجموعة من الطلبة يتم إعدادهم إعداداً جيداً لعرض القصة عرضاً لفظياً يأخذ بعين الاعتبار أسس العمل القصصي الناجح.
2- طريقة السرد القصصي بالشكل والصورة: وهذه تتم بمسارين؛ إما أن يعرض المعلم على الطلبة صورة، ثم يُعلق عليها المعلم بطريقة قصصية سردية، أو يترك الفرصة للطلبة للتعليق عليها بالطريقة نفسها أيضاً.
3- التمثيل القصصي بواسطة طالب، أو مجموعة من الطلبة يتم تدريبهم على الرواية القصصية تدريباً جيداً.
4-طريقة الافتراض القصصي: كأن يقول المعلم بتعبير: "إذا قام أحمد برمي النفايات في ساحة المدرسة ... ما الخطوات التالية المتوقعة بعد ذلك من قبل أحمد والآخرين في البيئة المحيطة؟ وهذا يمنح الطالب فرصة تنمية خياله من خلال المقترحات التي يمكنه تقديمها، ثم يقوم المعلم بطرح الخطوات الحقيقية التي تم إخفاؤها في بداية الدرس.
أسس التطبيق الناجح لدرس عن طريق القصة التعليمية داخل حجرة الصف:
هيئ المناخ الصفي للطلبة بطريقة تحقق تقبلهم للاستماع والإنصات باهتمام بالغين لما سيتم التفاعل معه من حوادث تالية.
أن يتم تمثيل أو قراءة المعلم أو الطلبة للقصة التعليمية قراءة واضحة وسليمة أمام الطلبة.
مناسبة الصوت للحركات الإيقاعية التي يبديها المعلم أثناء رواية القصة.
دمج الطلبة وتفاعلهم مع حوادث القصة وشخصياتها.
إفساح المجال أمام الطلبة للتعبير عن آرائهم وتصوراتهم على حوادث وشخصيات القصة.
تنويع الأنشطة الممارسة أثناء أداء الأدوار المتوقعة.
توضيح العلاقات التي تربط بين حوادث وشخصيات القصة التعليمية من خلال الطلبة.
الصوت والحركات عند تطبيق القصة التعليمية داخل حجرة الصف:
بالنسبة للصوت يمكن اتباع ما يلي:
نمذج صوتك السردي أو التمثيلي، بحيث يسمع صوت نغمي محدد له صفة الجذب والتشويق؛ لأنه من المتوقع أن يقلده الطلبة، واستخدم لغة واضحة وسليمة.
احرص على تغيير نغمة الصوت بطريقة تدريجية أو مرحلية؛ بحيث يشد انتباه الطالب الشيء الجديد في تلك النغمة الجديدة.
اقرأ القصة بصوت عال لتحدد العلاقات بين الشخصيات التي تدور حولها حوادث القصة، وذلك لتكتشف الأشياء الصعبة في لفظها لدى الطلبة حتى يعتادوا لفظها بطلاقة.
استخدم كلماتك الخاصة بأسلوبك في حال تعسر فهم الطلبة للكلمات الواردة في القصة.
أما بالنسبة للحركات، فيمكن اتباع ما يلي:
اجعل الحركات طبيعية وبسيطة ودون تصنع.
استخدم التوازنية في ملاءمة الحركة للكلمة المنطوقة في زمانها ومكانها المحددين.
درب الطلبة على التجاوب مع الحركة خلال عملية السرد للقصة التعليمية.
خطوات تطبيق الدرس خلال حصة الدرس:
تتمثل الخطوة الأولى في قراءة القصة التعليمية قراءة فاحصة لمرة أو مرتين إن أمكن للتعرف على النقاط التفصيلية التي تعبر عنها القصة التعليمية.
حلل حوادث وشخصيات القصة التعليمية، وذلك لبناء تصور واضح للعلاقات المتفاعلة بين تلك الحوادث والشخصيات التي تتكون منها القصة التعليمية.
سمّع لنفسك أو لآخرين كيفية سير حوادث القصة التعليمية المراد عرضها؛ مستخدماً الكلمات المفتاحية لسهولة تذكر حوادث القصة التعليمية المتتالية.
ركز على الكلمات الغامضة أو صعبة الفهم على الطلبة، وذلك لمساعدتهم على تخمين معانيها الحقيقة بمساعدة المعلم.
احرص على تقديم القصة التعليمية كاملة في لقاء واحد إن أمكن، أو بالتنبيه في كل لقاء إذا تعددت اللقاءات على إعادة مختصرة للحوادث السابقة للقصة حتى نهاية آخر لقاء بشكل إجمالي، وذلك حتى يتم الربط بين حوادث القصة.
تدرب على القصة التعليمية من خلال التسجيل بالفيديو إن أمكن لإعادة مشاهدتها والإفادة من التغذية الراجعة من خلال التقييم والتعديل، والتحويل وغير ذلك.
نوّع الأنشطة والصور ونبرات الصوت والإيماءات لجذب الانتباه وشده نحو تتابع حوادث القصة.
ينبغي الانتباه إلى نظرات الطلبة وملامحهم أثناء العرض، وترك مساحة واسعة لهم للتعبير عن انفعالاتهم المختلفة وحرية الحركة في المكان، وذلك للتأكد من مدى تفاعلهم مع الموقف القصصي التعليمي، وتغيير حالة الموقف كلما دعت الحاجة لذلك.
بعد الانتهاء من كل موقف يتم التأكد من أن الطلبة قد وعوا التفاصيل الإدراكية لذلك الموقف، ويمكن أن يترك لهم فرصة للنقاش والحوار حول القضايا الأساسية المعروضة.
في نهاية العرض يمكن منح الفرصة لطالب ما بأن يقوم بإعادة المراحل الرئيسة التي تدور حولها القصة التعليمية.
يترك للطلبة باب النقاش المفتوح حول القضايا التي تناولتها القصة التعليمية.
يطلب من الطلبة بأن يستنتجوا الفوائد المرجوة من خلال عرض القصة.
يلخص المعلم أهم القيم التي يمكن أن يستفاد منها، من خلال لفت انتباه الطلبة لها.
يوجه المعلم أسئلة سابرة، بحيث يستطيع التأكد من فهم الطلبة بوضوح لحوادث تلك القصة التعليمية.
وبالتواصل بعد ذلك مع المعلمين في مدارسهم تبين أن المعلمين الذين تلقوا تدريباً أثناء الدورة التدريبية؛ يستخدمون القصة التربوية في التدريس بنجاعة، وأن هذا الأسلوب يُحدث متعة كبيرة لهم وللطلبة، علاوة على معالجته للكثير من المشكلات التي تواجه المناخ الصفي. كما أن بعض المعلمين يتواصل للاستفسار حول أي قضية تواجههم أثناء عملية التطبيق الصفي، ويبادر هؤلاء للتعبير عن مدى سعادتهم بهذا الأسلوب.
بعد ذلك يقوم المعلمون المشاركون بالإفادة من الإطار النظري الذي تم عرضه فيما سبق ببناء بعض الدروس التطبيقية من خلال إستراتيجية القصة التربوية، وذلك من خلال تقسيمهم إلى مجموعات عمل فريقية في القسم التطبيقي من اليوم الثاني للمؤتمر، ومن ثم عرض إنتاجهم على المشاركين فيه.
نقاش عام
وبعد عرض ورقة العمل: القصة التربوية في التعليم والتعلم بمشاركة المعلم خميس سمارة تلا ذلك نقاش عام بحوار مفتوح مع المشاركين في المؤتمر؛ حيث أبدوا اهتماماً بموضوع التعليم بواسطة القصة التربوية.
وتساءلت المعلمة نبيلة حميد عن كيفية بناء الدرس على هيئة قصة تربوية، وكان هناك عرض حول كيفية تحويل الدرس إلى قصة تعليمية، حيث رسم الباحث الدائرة التي تعمل من خلالها قصة تربوية بخطوات متدرجة مرتبة ترتيباً موضوعياً لتصل إلى الخاتمة بطريقة تناسب الموقف التعليمي/التعلمي.
ورداً على سؤال هل يمكن تحويل كل دروس المنهاج الدراسي إلى قصة تربوية؟ أجاب الباحث أن عملية التحويل ممكنة، ولكن الموقف التعليمي/التعلمي يفرض على المعلم طريقة عرضه بطريقة القصة التربوية أو بغيرها من طرق التعليم والتعلم؛ فهناك دروس لا يصلح معها سوى القصة التربوية، ودروس أخرى لا تناسبها طريقة العرض بها. كما إنه لا يمكن عرض جميع الدروس بطريقة القصة التربوية؛ لأن ذلك يحدث مللاً عند الطلبة وتصبح بذلك القصة التربوية عرضاً تقليدياً لدى الطلبة، والعبرة هنا في التنويع في استخدام أساليب وطرق عرض الدروس حتى تشوق الطلبة للاندماج في عملية العرض.
وبعد ذلك تم عقد ورشة عمل تطبيقية لتحويل درس من دروس كتاب التاريخ للصف التاسع الأساسي على هيئة قصة تربوية (الثورة الصناعية)، وذلك كما يلي:
مثال تطبيقي لدرس بالقصة التربوية
الصف: العاشر الأساسي الحصة: التاريخ
موضوع الدرس: الثورة الصناعية في أوروبا العصور الوسطى
الوحدة الثالثة (ص.43-47)
الأهداف السلوكية:
1. يُعرف الثورة الصناعية على أوروبا.
2. يُعدد مظاهر الثورة الصناعية.
3. يقيم نتائج الثورة الصناعية.
4. يتخيل الطلبة بالرسم أشكال بعض مظاهر الثورة الصناعية.
5. يقدر أهمية تطوير الصناعة للشعب الفلسطيني.
المتطلب الأساس: تعرف الطلبة لأحوال أوروبا في العصور الوسطى
تقويم المتطلب الأساس:
- صف الحالة السياسية لأوروبا في العصور الوسطى.
- الحالة الاجتماعية والاقتصادية في أوروبا تبعت لأحوالها السياسية ... فسر ذلك!
يقرب المعلم للطلبة علاقة التأثير لتلك الأحوال بالاتجاه نحو النمو الصناعي.
ثم يتبع المعلم الخطوات التالية:
• يقرا النص التاريخي قراءة شفوية • يتأمل الطلبة الصورة والأشكال في ص 44 و45.
عناصر الدرس: تتم مناقشة عناصر الدرس التالية مع الطلبة:
بداية الثورة الصناعية, مظاهر الثورة الصناعية, نتائج الثورة الصناعية, تقدير أهمية الصناعة الفلسطينية
التمهيد: نحكي حكاية قصيرة للطلبة
المراجع العربية:
إبراهيم،عبد اللطيف. وأحمد، سعد مرسي (1991). المواد الاجتماعية وتدريسها الناجح، ط 6، القاهرة: مكتبة النهضة المصرية.
قطامي، يوسف. وقطامي، نايفة (1998). نماذج التدريس الصفي، ط 2، عمان: دار الشروق.
نصار، محمد يوسف. وصوالحة، معتصم (2000). الدراما التعليمية:نظرية وتطبيق، عمان: المركز القومي للنشر.
الطيطي، محمد حمد (2002): الدراسات الاجتماعية:طبيعتها،وأهدافها،وطرائق تدريسها، عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة.
يوسف، عقيل مهدي (2001): التربية المسرحية في المدارس،عمان: دار الكندي للنشر.
Foreign References:
Storytelling:Learning Your Story (2003), (Online) Available from:
http:/www.onestopenglish.com/news/magazine/children/children/htm
(Accessed 9 April 2003).
The Little Red House;A story(2003),(Online)Available from:
http:/www.onestopenglish.com/news/magazine/children/children/htm
(Accessed 9 April 2003).
Olah Madylus(2002),Storytelling:How to use stories with children,Macmillan Publishers Ltd,London.
Voice and Gestures(2003),(Online)Available from:
http:/www.onestopenglish.com/news/magazine/children/children/htm
(Accessed 9 April 2003).
Telling Your Story(2003),(Online)Available from:
http:/www.onestopenglish.com/news/magazine/children/children/htm
(Accessed 9 April 2003).